{وَكَمْ قَصَمْنَا} أهلكنا، والقصم: الكسر، {مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} أي كافرة، يعني أهلها، {وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا} أي: أحدثنا بعد هلاك أهلها، {قَوْمًا آخَرِينَ} {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} أي رأوا عذابنا بحاسة البصر، {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} أي يسرعون هاربين. {لا تَرْكُضُوا} أي قيل لهم لا تركضوا لا تهربوا، {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} أي نعمتم به، {وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} قال ابن عباس: عن قتل نبيكم. وقال قتادة: من دنياكم شيئا، نزلت هذه الآية في أهل حصورا، وهي قرية باليمن وكان أهلها العرب، فبعث الله إليهم نبيا يدعوهم إلى الله فكذبوه وقتلوه، فسلط الله عليهم بختنصر، حتى قتلهم وسباهم فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا وانهزموا، فقالت الملائكة لهم استهزاء: لا تركضوا وارجعوا إلى مساكنكم وأموالكم لعلكم تسألون.قال قتادة: لعلكم تسألون شيئا من دنياكم، فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم، فإنكم أهل ثروة ونعمة، يقولون ذلك استهزاء بهم، فاتبعهم بختنصر وأخذتهم السيوف، ونادى مناد في جو السماء: يا ثارات الأنبياء، فلما رأوا ذلك أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم. {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}. {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} أي تلك الكلمة وهي قولهم يا ويلنا، دعاؤهم يدعون بها ويرددونها.{حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا} بالسيوف كما يحصد الزرع، {خَامِدِينَ} ميتين. قوله عز وجل: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} أي عبثا وباطلا.